مفهومُ الحياةِ الطَّيِّبةِ
يقولُ أحدُ أذكياءِ الإنكليزِ : بإمكانك وأنت في السجنِ منْ وراءِ القضبانِ الحديديةِ أنْ تنظُرَ إلى الأُفُقِ ، وأنْ تُخْرِج زهرةً منْ جيبِك فتشُمَّها وتبتسم ، وأنت مكانك ، وبإمكانِك وأنت في القصْرِ على الديباج والحريرِ ، أنْ تحتدَّ وأنْ تغضب وأنْ تثور ساخطاً منْ بيتِك وأسرتِك وأموالِك .
إذنْ السعادةُ ليستْ في الزمانِ ولا في المكانِ ، ولكنَّها في الإيمانِ ، وفي طاعةِ الدَيَّانِ ، وفي القلبِ . والقلبُ محلُّ نظرِ الرَّبَّ ، فإذا استقرَّ اليقينُ فيه ، انبعثتِ السعادةُ ، فأضفتْ على الروح وعلى النفسِ انشراحاً وارتياحاً ، ثمَّ فاضتْ على الآخرين ، فصارتْ على الظِّرابِ وبطونِ الأودية ومنابتِ الشجرِ .
أحمدُ بنُ حنبل عاش سعيداً ، وكان ثوبُه أبيض مرقَّعاً ، يخيطُه بيدِهِ ، وعندهُ ثلاثُ غُرفٍ منْ طينٍ يسكُنها ، ولا يجدُ إلا كِسرَ الخُبْزِ مع الزيتِ ، وبقي حذاؤه – كما قال المترجمون عنهُ – سبع عشرة سنةً يرقِّعها ويخيطُها ، ويأكلُ اللحم في شهرٍ مرَّةً ويصومُ غالب الأيامِ ، يذرعُ الدنيا ذهاباً وإياباً في طلَبِ الحديثِ ، ومع ذلك وجد الراحة والهدوء والسكينة والاطمئنان ؛ لأنهُ ثابتُ القدم ، مرفوعُ الهامةِ ، عارفٌ بمصيرِه ، طالبٌ لثوابٍ ، ساعٍ لأجرٍ ، عاملٌ لآخرةٍ ، راغبٌ في جنَّةٍ .
وكان الخلفاءُ في عهدِه – الذين حكموا الدنيا – المأمونُ ، والواثقُ ، والمعتصمُ ، والمتوكلُ عندهم القصورُ والدُّورُ والذهبُ والفضةُ والبنودُ والجنودُ ، والأعلامُ والأوسمةُ والشاراتُ والعقاراتُ ، ومعهمْ ما يشتهون ، ومع ذلك عاشُوا في كَدَرٍ ، وقَضَوْا حياتَهم في همٍّ وغمٍّ ، وفي قلاقل وحروبٍ وثوراتٍ وشَغَبٍ وضجيجٍ ، وبعضُهم كان يتأوَّهُ في سكراتِ الموتِ نادماً على ما فرَّط ، وعلى ما فعل في جنبِ اللهِ .
ابنُ تيمية شيخُ الإسلامِ ، لا أهل ولا دار ولا أسرة ولا مال ولا منصب ، عندهُ غرفةٌ بجانبِ جامعِ بني أمية يسكنُها ، ولهُ رغيفٌ في اليومِ ، وله ثوبانِ يغيِّر هذا بهذا ، وينامُ أحياناً في المسجدِ ، ولكنْ كما وَصَف نفسه : جنَّتُه في صدرِه ، وقتْلُه شهادةٌ ، وسجْنه خِلْوةٌ ، وإخراجهُ منْ بلدِهِ سياحةٌ ؛ لأن شجرة الإيمانِ في قلبِهِ استقامتْ على سُوقِها ، تُؤتي أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذنِ ربِّها يمُدُّها زيتُ العنايةِ الربانيةِ ، ﴿ يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ﴾ ، ﴿ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ ،﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ ﴾ ،﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾ .
خرج أبو ذرٍّ رضي اللهُ عنه وأرضاهُ إلى الرَّبذةِ ، فنصب خيمتهُ هناكَ ، وأتى بامرأتِه وبناتِهِ ، فكان يصومُ كثيراً من الأيامِ ، يذكُرُ مولاهُ ، ويسبِّحُ خالقهُ ، ويتعبَّدُ ويقرأُ ويتلو ويتأمَّلُ ، لا يملكُ من الدنيا إلا شمْلةً أو خيمةً ، وقطعةً من الغنمِ مع صحْفةٍ وقصْعةٍ وعصا ، زارَهُ أصحابُه ذات يوم ، فقالوا : أين الدنيا؟ قال : في بيتي ما أحتاجُه من الدنيا ، وقدْ أخبرنا r أنَّ أمامنا عقبةً كؤوداً لا يجيزُها إلا المُخِفُّ .
كان منشرحَ الصدرِ ، ومنثلج الخاطرِ ، فعندهُ ما يحتاجُه من الدنيا ، أمّا ما زاد على حاجتِه ، فأشغالٌ وتبِعاتٌ وهمومٌ وغمومٌ .
قلتُ في قصيدةٍ بعنوان : أبو ذرٍّ في القرن الخامسِ عَشَرَ ، متحدِّثاً عنْ غُربةِ أبي ذرٍّ وعن سعادتِه ، وعن وحدتِه وعزلتِه ، وعن هجرتِه بروحِه ومبادئِه ، وكأنه يتحدثُ عن نفسِه :
لاطفُوني هدَّدْتُهم هدَّدُوني |
| بالمنايا لاطفتُ حتى أحسَّا |
أركبُوني نزلتُ أركبُ عزْمي |
| أنزلُوني ركِبتُ في الحقِّ نفْسا |
أطرُدُ الموت مُقْدِماً فيُولِّي |
| والمنايا أجتاحُها وهْي نعْسَى |
قد بكتْ غربتي الرمالُ وقالتْ |
| يا أبا ذرٍّ لا تخفْ وتأسَّا |
قلتُ لا خوف لم أزلْ في شبابٍ |
| مِنْ يقيني ما مِتُّ حتى أُدسَّا |
أنا عاهدتُ صاحِبِي وخليلي | | وتلقَّنْتُ منْ أمالِيهِ درْسا |
***************************************************
إذنْ فما هي السعادةُ ؟!
(( كنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيل )) ، (( فطوبى للغرباءِ )) .
ليسِ السعادةُ قصر عبدِالملك بنِ مروان ، ولا جيوش هارونِ الرشيدِ ولا دُور ابنِ الجصَّاصِ ، ولا كنوز قارون ، ولا في كتابِ الشفاءِ لابنِ سينا ، ولا في ديوانِ المتنبي ، ولا في حدائقِ قرطبة ، أو بساتينِ الزهراءِ .
السعادةُ عند الصحابِة مع قلَّةِ ذاتِ اليدِ ، وشظفِ المعيشةِ ، وزهادهِ المواردِ ، وشُحِّ النَّفقةِ .
السعادةُ عند ابنِ المسيبِ في تألُّهِه ، وعند البخاري في صحيحِهِ ، وعند الحسنِ البصريِّ في صِدْقِهِ ، ومع الشافعيِّ في استنباطاتِه ، ومالكٍ في مُراقبتِه ، وأحمد في ورعِهِ ، وثابتٍ البنانيِّ في عبادتهِ ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ﴾ .
ليستِ السعادةُ شيكاً يُصرفُ ، ولا دابةً تُشترَى ، ولا وردةً تُشَمّ ، ولا بُرّاً يُكالُ ، ولا بزّاً يُنشرُ .
السعادةُ سلوةُ خاطرٍ بحقٍّ يحمِلُه ، وانشراحُ صدرٍ لمبدأ يعيشُه، وراحةُ قلبٍ لخيرٍ يكْتنِفُه.
كنّا نظُنُّ أننا إذا أكثْرنا من التوسٌّعِ في الدُّوِر ، وكثْرةِ الأشياءِ ، وجمْعِ المسهِّلاتِ والمرغِّباتِ والمشتهياتِ ، أننا نسعدُ ونفرحُ ونمرحُ ونُسرُّ ، فإذا هي سببُ الهمِّ والكَدَرِ والتنغيصِ ؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ بهمِّه وغمِّه وضريبةِ كدِّهِ وكدْحِهِ ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾ .
إنَّ أكبر مُصلِحٍ في العالمِ رسولُ الهدى محمدٌ r ، عاش فقيراً ، يتلوَّى من الجوعِ ، لا يجدُ دقْلَ التمرِ يسدُّ جوعه ، ومع ذلك عاش في نعيمٍ لا يعلمُه إلا اللهُ ، وفي انشراحٍ وارتياحٍ ، وانبساطٍ واغتباطٍ ، وفي هدوءٍ وسكينةٍ ﴿ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ{2} الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ ﴾ ، ﴿ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾ ، ﴿ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ .
في الحديثِ الصحيحِ : (( البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ ، والإثم ما حاك في صدرِك وكرهْت أن يطلع عليه الناسُ )) .
إنَّ البرَّ راحةٌ للضميرِ ، وسكونٌ للنفسِ ، حتى قال بعضُهم :
البرُّ أبقى وإنْ طال الزَّمانُ به | | والإثمُ أقبحُ ما أوعيت منْ زادِ |
وفي الحديث : (( البرُّ طُمأنينةٌ ، والإثم ريبةٌ )) . إنَّ المحسن صراحةً يبقى في هدوءٍ وسكينةٍ ، وإنَّ المريب يتوجَّسُ من الأحداثِ والخطراتِ ومن الحركاتِ والسَّكناتِ ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾ . والسببُ أنه أساء فحسْبُ ، فإنَّ المسيء لابدَّ أنْ يقلق وأنْ يرتبِك وأنْ يضطرب ، وأنْ يتوجَّس خِيفةً .
إذا ساءِ فِعْلُ المرءِ ساءتْ ظنونُهُ | | وصدَّق ما يعتادُهُ مِنْ تَوَهُّمِ |
والحلُّ لمنْ أراد السعادة ، أنْ يُحْسن دائماً ، وأنْ يتجنَّب الإساءة ، ليكون في أمنٍ ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ .
أقبل راكبٌ يحثُّ السير ، يثورُ الغبارُ منْ على رأسِهِ ، يريدُ سعد بن أبي وقَّاصٍ ، وقدْ ضرب سعدٌ خيمتهُ في كبِدِ الصحراءِ ، بعيداً عنِ الضجيجِ ، بعيداً عنِ اهتماماتِ الدَّهْماءِ ، منفرداً بنفسِهِ وأهلِهِ في خيمتِهِ ، معهُ قطيعٌ من الغنمِ ، فاقترب الراكبُ فإذا هو ابنُه عُمَرُ ، فقال ابنُه له : يا أبتاهُ ، الناسُ يتنازعون الملك وأنت ترعى غنمك . قال : أعوذُ باللهِ منْ شرِّك ، إني أولى بالخلافةِ منِّي بهذا الرداءِ الذي عليَّ ، ولكن سمعتُ الرسول r يقولُ : (( إنَّ الله يحبُّ العبد الغنيَّ التَّقيَّ الخفيَّ )) .
إن سلامة المسلمِ بدينِه أعْظمُ منْ مُلكِ كسرى وقيصر ؛ لأنَّ الدين هو الذي يبقى معك حتى تستقرَّ في جناتِ النعيمِ ، وأما الملكُ والمنصبُ فإنَّهُ زائلٌ لا محالة ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ .
*******************************************
إليهِ يصعدُ الكلِمُ الطَّيَّبُ
كان للصحابةِ كنوزٌ من الكلماتِ المباركاتِ الطَّيِّباتِ ، التي عَّمهم إياها صفوةُ الخلْقِ r .
وكلُّ كلمةٍ عند أحدِهم خيرٌ من الدنيا وما فيها ، ومِنْ عظمتِهمْ معرفتُهم بقيمةِ الأشياءِ ومقاديرِ الأمورِ .
أبو بكرٍ يسألُ الرسول r أنْ يُعلِّمه دعاءً ، فقال له : (( قلْ : ربِّ إني ظلمتُ نفسي ظُلماً كثيراً ، ولا يغفرُ الذنوب غلا أنت ، فاغفرْ لي مغفرةً منْ عندِك وارحمني ، إنك أنت الغفورُ الرحيمُ )) .
ويقولُ r للعباسِ : (( اسألِ الله العفو والعافية )) .
ويقولُ لعليٍّ : (( قلْ : اللَّهمَّ اهدنِي وسدِّدْني )) .
ويقولُ لعبيدِ بنِ حصينٍ : (( قلْ : اللهمَّ ألهمْنِي رُشدي ، وقِنِي شرَّ نفسْي )) .
ويقولُ لشدَّادِ بن أوسٍ : (( قلْ : اللهمَّ إني أسالُك الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشدِ ، وشُكرَ نعمتِك ، وحُسْنَ عبادتِك ، وأسألُك قلباً سليماً ، ولساناً صادقاً ، وأسألُك مِنْ خَيْرِ ما تعْلمُ ، وأعوذُ بك منْ شرِّ ما تعلمُ ، وأستغفرُك لما تعلمُ ، إنك أنت علاَّمُ الغيوبِ )) .
ويقولُ لمعاذٍ : (( قلْ : اللهمَّ أعني على ذكرِك وشُكْرِك وحُسْنِ عبادتِك )) .
ويقولُ لعائشة : (( قولي : اللهم إنك عفُوٌّ تحبُّ العَفْوَ ، فاعْفُ عنِّي )) .
إنَّ الجامعَ لهذهِ الأدعيةِ : سؤالُ رضوانِ اللهِ عزَّ وجلَّ ورحمتِهِ في الآخرةِ ، والنَّجاةِ منْ غضبِه ، وأليمِ عقابِه ، والعونِ على عبادتِه سبحانه وتعالى وشكرِه .
وإنَ الرّابط بينها : طَلَبُ ما عند اللهِ ، والإعراضُ عمَّ في الدنيا . إنهُ ليس فيها طلبُ أموالِ الدنيا الفانيةِ ، وأعراضِها الزائلِة ، أو زخرِفها الرخيصِ .
**************************************
﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى
وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾
إنَّ منْ تعِاسةِ العبدِ ، وعثْرةِ قدمِهِ وسقوطِ مكانتِهِ : ظُلمُهُ لعبادِ اللهِ ، وهضْمُهُ حقوقهم ، وسحْقُه ضعيفهم ، حتى قال أحدُ الحكماءِ : خفْ ممَّن لم يجدْ له عليك ناصراً إلا الله .
ولقدْ حفظ لنا تاريخُ الأممِ أمثلةً في الأذهانِ عنْ عواقبِ الظَّلمةِ .
فهذا عامرُ بنُ الطفيل يكيد للرسول r ، ويحاولُ اغتيالهُ ، فيدعو عليه r ، فيبتليه اللهُ بغدَّةٍ في نحْرِه ، فيموتُ لساعتِه ، وهو يصرخُ من الألمِ .
وأربدُ بنُ قيسٍ يؤذي رسول اللهِ r ، ويسعى في تدبيِر قتْلِهِ ، فيدعو عليه ، فيُنزلُ اللهُ عليه صاعقةً تحرقُه هو وبعيرُه .
وقبل أنْ يقتُل الحجاجُ سعيد بن جبيرٍ بوقتٍ قصيرٍ ، دعا عليه سعيدٌ وقال : اللَّهمَّ لا تسلِّطْهُ على أحدٍ بعدي . فأصاب الحجاجَ خُرَّاجٌ في يدهِ ، ثمَّ انتشر في جسمِهِ ، فأخذ يخوُر كما يخورُ الثورُ ، ثم مات في حالةٍ مؤسفةٍ .
واختفى سفيانُ الثوريُّ خَوْفاً منْ أبي جعفرِ المنصورِ ، وخرج أبو جعفر يريدُ الحرمَ المكِّيَّ وسفيانُ داخل الحرمِ ، فقام سفيانُ وأخذ بأستارِ الكعبةِ ، ودعا الله عزَّ وجلَّ أن لا يُدِخِلَ أبت جعفر بيته ، فمات أبو جعفر عند بئرِ ميمونٍ قبل دخولِه مكَّةَ .
وأحمدُ بن أبي دؤادٍ القاضي المعتزليُّ يُشاركُ في إيذاءِ الإمامِ أحمدِ بن حنبل فيدعو عليهم فيُصيبُه اللهُ بمرض الفالجِ فكان يقول : أمَّا نصفُ جسمي ، فلوْ وقع عليه الذبابُ لظننتُ أنَّ القيامة قامتْ ، وأمَّا النصفُ الآخرُ ، فلو قُرِض بالمقاريض ما أحسستُ .
ويدعو أحمدُ بنُ حنبل أيضاً على ابن الزَّيّاتِ الوزيرِ ، فيسلِّطُ اللهُ عليه منْ أخذَهُ ، وجعَلَهُ في فرنٍ من نارٍ ، وضرب المسامير في رأسِه .
وحمزةُ البسيونيُّ كان يعذِّبُ المسلمين في سجنِ جمالِ عبدِالناصر ، ويقولُ في كلمةٍ له مؤذية : « أين إلُهكمْ لأضعَهُ في الحديدِ » ؟ تعالى اللهُ عمَّا يقولُ الظالمون علوّاً كبيراً . فاصطدمتْ سيارتُه – وهو خارجٌ من القاهرةِ إلى الإسكندريةِ – بشاحنةٍ تحملُ حديداً ، فدخل الحديدُ في جسمه منْ أعلى رأسِهِ إلى أحشائِه ، وعَجَزَ المنقذون أنْ يُخرجوُه إلا قطعاً ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴾ ، ﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾ .
وكذلك صلاحُ نصرٍ منْ قادةِ عبدِالناصرِ ، وممَّنْ أكثرَ في الأرضِ الظلُّم والفساد ، أصيب بأكثر منْ عشرةِ أمراضٍ مؤلمةٍ مُزمِنةٍ ، عاش عدَّة سنواتٍ منْ عمرِهِ في تعاسةٍ ، ولم يجدْ لهُ الطبُّ علاجاً ، حتى مات سجيناً مزجوجاً بهِ في زنزاناتِ زعمائِه الذين كان يخدمُهمْ .
﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ{11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ{12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾ ، (( إنَّ الله ليُمْلي للظالمِ ، حتى إذا أخذهُ لم يُفْلِتْه )) ، (( واتَّقِ دعوة المظلومِ ، فإنه ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ )) .
قال إبراهيمُ التيميُّ : إنَّ الرجل ليظلمُني فأرحَمُهُ .
وسُرقتْ دنانيرُ لرجلٍ صالح منْ خراسان ، فجعل يبكي ، فقال له الفضيلُ : لِم تبكي ؟ قال : ذكرتُ أنَّ الله سوف يجمعُني بهذا السارقِ يوم القيامةِ ، فبكيتُ رحمةً له .
واغتاب رجُلٌ أحد علماءِ السلفِ ، فأهدى للرجُلِ تمراً وقال : لأنهُ صنع لي معروفاً .
*****************************************
قلتُ : بالبابِ أنا
على هيئةِ الأممِ المتحدةِ بنيويورك لوحةٌ ، مكتوبٌ عليها قطعةٌ جميلةٌ للشاعرِ العالميِّ السعدي الشيرازي ، وقدْ ترجمتْ إلى الإنجليزيةِ وهي تدعو إلى الإخاءِ والأُلفةِ والاتحادِ ، يقول:
قال لي المحبوبُ لمَّا زرتُهُ |
| منْ ببابي قلتُ بالبابِ أنا |
قال لي أخطأت تعريف الهوى |
| حينما فرَّقت فيه بيْنَنَا |
ومضى عامٌ فلمَّا جئتُهُ |
| أطرُقُ الباب عليه مُوهِنا |
قال لي منْ أنتَ قلتُ أنْظُرْ فما |
| ثم َّ إلاَّ أنتَ بالبابِ هُنا |
قال لي أحسنت تعريف الهوى | | وعَرَفْتَ الحُبَّ فادخُلْ يا أنا |
لابُدَّ للعبد منْ أخٍ مفيدٍ يأنسُ إليه ، ويرتاحُ إليه ، ويُشاركُه أفراحهُ وأتراحهُ ، ويبادلُه ودّاً بودٍّ . ﴿ وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي{29} هَارُونَ أَخِي{30} اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي{31} وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي{32} كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً{33} وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً ﴾ .
ولابدُّ منْ شكوى إلى ذي قرابةٍ | | يُواسيك أو يُسلِيك أو يَتَوجَّعُ |
﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ﴾ ، ﴿ كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ﴾ ، ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ﴾ ، ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ .
******************************************
لابدَّ منْ صاحبٍ
إنَّ منْ أسبابِ السعادةِ أنْ تجد منْ تنفعُك صُحبتُه ، وتُسعدُك رفقتُه . (( أين المتحابُّون في جلالي ، اليوم أُظِلُّهمْ في ظِلِّي يوم لا ظِلَّ إلا ظلِّي )) .
(( ورجلانِ تحابَّا في اللهِ ، اجتمعا عليهِ وتفرَّقا عليِه )) .
*******************************************
الأمْنُ مطلبٌ شرعيٌّ وعقليٌّ
﴿ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ ، ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ ، ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً﴾ ، ﴿ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ﴾ ، ﴿ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ﴾ .
(( منْ بات آمِناً في سِرْبِهِ ، مُعافىً في بدنِهِ ، عنده قُوتُ يومِهِ ، فكأنَّما حِيزتْ له الدنيا بحذافيرِها )) .
فأمنُ القلبِ : إيمانُه ورسوخُه في معرفةِ الحقِّ ، وامتلاؤُه باليقينِ .
وأمْنُ البيتِ : سلامتُه من الانحرافِ ، وبُعْدُه عنِ الرذيلةِ ، وامتلاؤُهُ بالسكينةِ ، واهتداؤه بالبرهانِ الرَّبّانيِّ .
وأمْنُ الأمةِ : جمْعُها بالحبِّ ، وإقامةُ أمرِها بالعَدْلِ ، ورعايتُها بالشريعةِ .
والخوف عدوُّ الأمنِ ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ ﴾ ، ﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ .
ولا راحة لخائفٍ ولا أمْن لملحِدٍ ، ولا عيش لمريضٍ .
إنَّما العُمرُ صحَّةٌ وكفافٌ | | فإذا وليا عن العُمرِ ولَّى |
للهِ ما أتْعسَ الدَّنيا ، إنْ صحَّتْ منْ جانبٍ فسدتْ منْ جانبٍ آخر ، إنْ أقبل المالُ مَرِضَ الجسمُ ، وإنْ صحَّ الجسمُ حلَّتِ المصائبُ ، وإنْ صلُح الحالُ واستقام الأمرُ حلَّ الموتُ .
خرج الشاعرُ الأعشى منْ ( نجدٍ ) إلى الرسولِ r يمتدحُه بقصيدةٍ ويسلمُ ، فعرض له أبو سفيان فأعطاهُ مائة ناقةٍ ، على أنْ يترك سفَرَهُ ويعود إلى ديارِهِ ، فأخذ الإبل وعاد ، وركب أحدها فهو جلتْ به ، فسقط على رأسِهِ ، فاندقَّتْ عنقُهُ ، وفارق الحياة ، بلا دينٍ ولا دنيا. أمَّ قصيدتُه التي هيَّأها ليقولها بين يديْ رسول اللهِ r ، فهي بديعةُ الحُسْنِ يقولُ فيها:
شبابٌ وشيبٌ وافتقارٌ وثروةٌ |
| فللّهِ هذا الدَّهرُ كيف تردَّدا |
إذا أنت لمْ ترْحلْ بزادٍ من التُّقى |
| ولاقيت بعد الموتِ منْ قدْ تزوَّدا |
ندمْت على أنْ لا تكون كمثْلِهِ | | وأنَّك لمْ تُرْصِدْ لما كان أرْصدَا |
***************************************
أمجادٌ زائلةٌ
إنَّ منْ لوازمِ السعادةِ الحقَّةِ أنْ تكون دائمةً تامَّةً ، فدوامُها أنْ تكون في الدنيا والآخرةِ ، في الغيبِ والشهادةِ ، اليوم وغداً .
وتمامُها أنْ لا يُنغِّصها نكَدٌ ، وأنْ لا يخْدشَ وجهُ محاسِنها بسخطٍ .
جلس النعمانُ بنُ المنذرِ – ملكُ العراقِ – تحت شجرةٍ متنزَّهاً يشربُ الخَمْرَ فأراد عديُّ بنُ زيد – وكان حكيماً – أنْ يعظه بلفظٍ فقال له : أيُّها الملكُ ، أتدري ماذا تقولُ هذهِ الشَّجرةُ ؟ قال الملكُ : ماذا تقول : قال عديٌّ : تقولُ :
رُبَّ ركبِ قدْ أناخُوا حولنا |
| يمْزُجُون الخمر بالماءِ الزُّلالْ |
ثمَّ صاروا لَعِب الدَّهْرُ بهمْ | | وكذاك الدَّهرُ حالاً بعد حالْ |
فتنغصُ النعمانُ ، وترك الخمر ، وبقي متكدِّراً حتى مات .
وهذا شاهُ إيران الذي احتفل بمرورِ ألفينِ وخمسمائةِ سنةٍ على قيام الدولةِ الفارسيِّةِ ، وكان يُخطِّطُ لتوسيعِ نفوذِه ، وبسْطِ ملكهِ على بقعةٍ أكبر منْ بلدِهِ ، ثم يُسلب سلطانُه بين عشيَّةٍ وضحاها ﴿ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء ﴾ .
ويطرُدُ منْ قصورِهِ ودُورِهِ ودنياه طرداً ، ويموتُ مشرَّداً بعيداً محرُوماً مفلساً ، لا يبكي عليه أحدٌ : ﴿ كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ﴾ .
وكذلك شاوشيسكو رئيسُ رومانيا ، الذي حكم اثنتين وعشرين سنة ، وكان حَرَسُه الخاصُّ سبعين ألفاً ، ثمَّ يحيطُ شعبُه بقصرِهِ ، فيمزِّقونهُ وجنودهُ إرباً إرباً ﴿ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾ . لقدْ ذهب ، فلا دنيا ولا آخرة .
وذاك رئيسُ الفلبينِ ماركوس : جمع الرئاسة والمال ، ولكنَّه أذاق أمَّته أصناف الذُّلّ ، وأسقاها كأس الهوانِ ، فأذاقه اللهُ غُصص التعاسةِ والشقاءِ ، فإذا هو مشرَّدٌ منْ بلادِهِ ومنْ أهلِه وسلطانِه ، لا يملكُ مأوى يأوي إليه ، ويموتُ شقيّاً ، يرفضُ شعبُهُ أن يُدفَنَ في بلدِهِ : ﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾ ، ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ ، ﴿ فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ﴾ .
*********************************************
اكتسابُ الفضائل أكاليلٌ على هامِ الحياةِ السعيدةِ
مطلوبٌ من العبدِ لكيْ يكسب السعادة والأمن والراحة ، أن يُبادر إلى الفضائل ، وأنْ يُسارع إلى الصفاتِ الحميدةِ والأفعالِ الجميلةِ (( احرصْ على ما ينفعُك واستعِنْ باللهِ )) .
أحدُ الصحابةِ يسألُ الرسول r مرافقَتَهُ في الجنةِ فيقول : (( أعِنِّي على نفسِك بكثْرةِ السجودِ ، فإنَّك لا تسجُدُ للهِ سجدةً ، إلاَّ رَفَعَك بها درجة )) . والآخرُ يسألُ عنْ بابٍ جامعٍ من الخيرِ ، فيقولُ له : (( لا يزالُ لسانُك رطباُ من ذكر اللهِ )) . وثالثٌ يسألُ فيقولُ له : (( لا تسُبَّنَّ أحداً ، ولا تضرِبنَّ بيدِك أحداً ، وإنْ أحدٌ سبَّك بما يعلمُ فيك فلا تسُبَّنَّه بما تعلمُ فيه ، ولا تحقِرنَّ من المعروفِ شيئاً ، ولو أنْ تُفْرِغ منْ دَلْوِك في إناءِ المستقي )) .
إنَّ الأمر يقتضي المبادَرَةَ والمُسارعة : (( بادرِوا بالأعمالِ فتناً )) ، (( اغتنِمْ خمساً قبل خمسٍ )) ، ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ﴾، ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ ، ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴾ .
لا تُهمِلْ في فِعْلِ الخَيْرِ ، ولا تنتظرْ في عملِ البِرِّ ، ولا تُسوِّفْ في طَلَبِ الفضائلِ :
دقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له | | إنَّ الحياة دقائقٌ وثوانِ |
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ .
عمرُ بنُ الخطابِ بعد أنْ طُعِن وثَجَّ دمُه ، يرى شابّاً يجرُّ إزاره ، فقال له عمرُ : (( يا ابن أخي ، ارْفَعْ إزارك ، فإنهُ أتقى لربِّك ، وأنْقى لثوبك )) . وهذا أمرٌ بالمعروفِ في سكراتِ الموتِ ﴿ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ﴾ .
إنَّ السعادة لا تحصلُ بالنومِ الطويلِ ، والخلودِ إلى الدَّعةِ ، وهَجْرِ المعالي ، واطِّراحِ الفضائلِ . ﴿ وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ .
إنَّ منطق أصحابِ الهممِ الدَّنيَّةِ والنفوسِ الهابطةِ يقولُ : ﴿ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ ﴾ ، ﴿ لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ ﴾ .
وقد نهي العبدُ بالوحي عن التَّأخرِ عنْ فِعلِ الخيرِ : ﴿ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ﴾ ، ﴿ وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ ﴾ ، ﴿ وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ ﴾ ، ﴿ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ ﴾ ، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ ﴾ ، ﴿ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ ﴾ ، ﴿وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى ﴾ ، (( اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من الكسلِ )) ، (( والكيُسُ منْ دان نفْسه وعمِل لما بعد الموتِ ، والعاجزُ منْ أتْبَعَ نَفْسَه هواها ، وتمنَّى على اللهِ الأماني )) .
No comments:
Post a Comment